الابتلاء

17 07 2009

جميعا نعلم ما هو الابتلاء من قبل الله سبحانه ولكن لذلك الابتلاء صورة تكاد تكون احادية الجانب في نظر الاغلبية وتلك الصورة هي القلة في ناحية ما قد تكون القلة في الصحة , في المال , في الأهل.
ولكن !!
تعالوا لنقف امام قوله سبحانه وتعالى لنعلم ما هي ماهية الابتلاء حقا, يقول تعالى :
إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (17) وَلَا يَسْتَثْنُونَ (18) فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (19) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (20) فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ (21) أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ (22) فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ (23) أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ (24) وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ (25) فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ (26) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (27) قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ (28) قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (29) فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ (30) قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ (31) عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ (32) كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [القلم/17-33]

توفي الوالد الصالح وترك ورائه شبابا تقلبوا في النعيم , لطالما نقموا من ابيهم ذلك العطاء المستمر للمساكين الذين يدخلون عليهم في بستانهم الذي يعتبر قبلة الانظار لما هو عليه من حال. بعد وفاة ذلك الوالد لم يعد هناك ما يدعوا للاستمرار في عطاء أولئك المغفلين الذين يكدرون عليهم صفوهم وهم في تلك الجنة التي رزقوها على الأرض.

جلس الأخوة بعد وفاة والدهم ليضعوا الخطط المستقبلية لإدارة بستانهم فأقسموا على اتخاذ طريق جديد مغاير لما كان عليه الوالد فلا مسكين اليوم سينال ثمرا من هذا البستان أو رشفة ماء , وفي ظلمة الليل لا بد من مشعل نور يبعث بصيصا من النور ولو كان ذلك النور خافتا . وقد جاء هذا النور من احد الاخوة ممن رزقهم الله الحكمة فحاول ان يثني الأخوة عن هذا العزم ولكن ذلك الصوت ضاع كما يضيع غيره من الاصوات تحت ضوضاء الظلم والجهل.

وبينما الاخوة في غيهم ذلك وفي غمرة جبروتهم الزائف الذي تخيلوا انهم قد غدوا عليه رد الله كيدهم في نحرهم فأحرق البستان فغدا كقطعة من الليل المظلم .

وفي الصباح الباكر بعد ذلك الغي الذي بيتوه ليلا تنادى الاخوة لينطلقوا لنتفيذ مخططهم الذي وضعوه , فلما وصلوا إلى بستناهم صعقوا بما رأوه فوقفوا مذهولين لا !! ليس من المعقول ان تكون هذه القطعة المحترقة السوداء هي ذلك البستان اليانع المورق لا شك انه هناك خطأ ما , لا ريب في انهم قد ضلوا طريقهم لا ريب انهم قد وصلوا إلى بستان اخر.

بعد ذلك الإنكار اللاواعي استيقظ الوعي فيهم ليقول لهم بأنهم ليس ضالون بل أنهم محرمون !! قد حرمهم رب العالمين العطاء الذي منحهم إياه كما قرروا منع العطاء لمن يستحقه من الفقراء والمساكين وأمام تلك المصيبة وعند المصائب تستيقظ الضمائر !! ها قد انطلق صوت الحق مجددا ولكن هذه المرة كان الجبروت الزائف قد انكشف والشوكة والمنعة المتخيلة انكسرت فقال لهم ألم أقل لكم لولا تسبحون !! ألم اقل لكم لا تمنعوا العطاء عن المساكين .. هنا لقي قوله قبولا لديهم فلم يعد هناك ما يصدهم عن قبول الحقيقة بعد ان عيانوا العذاب بأعينهم .

هنا استيقظ الضمير فيهم ليقول : يا ويلنا إنا كنا طاغين, قد جاوزنا الحد وظلمنا ومنعنا من يستحق ما يستحق فحرمنا ما لانستحقه من من يملك الملك ذو الجلال والإكرام

إن الإبتلاء لا يكون دوما بقلة اليد فقد يكون بكثرتها ولطالما زلت قدم بسبب مال او قوة ((كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى)) [العلق/6، 7]
فالمسلم دوما في حال اختبار سواء اكان مقلا ام مكثرا وعليه النجاح في ذلك الاختبار يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم ( عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ)


إجراءات

Information

أضف تعليق